احتضنت جدران مفترق شارع الجمهورية بالعاصمة تظاهرة في الفن التشكيلي تواصلت على مدى ثلاثة ايام نهاية الاسبوع الفارط , تحت اشراف وزارة الثقافة وبتنظيم من المندوبية الجهوية للثقافة بتونس واللجنة الثقافية الوطنية اضافة الى اتحاد الفنانين التشكيليين ورابطة الفنانين التشكيليين , وذلك في اطار تظاهرة تنيير الثورة , وقد شارك في التظاهرة مجموعة من الفنانين التشكيليين خاصة منهم الشباب على غرار التشكيلية غادة بلعابد , هدى العجيلي , هيفاء التكوتي , بثينة الجمعي , الفنان اكرم التوجاني وغيرهم , وذلك برسم جداريات تلخص امالهم وطموحاتهم عن الثورة والفن , عن الامل والمستقبل , فكانت جدارياتهم ولوحاتهم عناوين مختلفة لرؤاهم … «الصحافة اليوم» واكبت الحدث وسألت الفنانين عن التظاهرة ورؤاهم للمستقبل اضافة الى المواضيع التي تناولوها من خلال جدارياتهم .
و اذا ننقل في هذا الصدد اراء كل من الرسامة غادة بلعابد و اكرم التوجاني فانه لا بدّ من الاشارة الى درجة الرضاء و الامتنان اللذين سجلناهم لدى بقية المشاركين و كذلك شكرهم للجهات المنظمة لهذه التظاهرة.
اكرم التوجاني:
لا نريد ان نكون مجرد ديكور للمناسبات السنوية
المشكلة في تونس انه ورغم اهمية اعمالنا فنحن لا نلقى الاهتمام الا في المناسبات كهذه التظاهرة والتي نشكر المندوبية الجهوية للثقافة بتونس على توجيه الدعوة لنا لكن غالبا ما نعاني التهميش والاقصاء كما كان عنوانا للجدارية التي اشتغلت عليها في التظاهرة .هم لا يعيرون اهتماما للشباب لأنهم شباب ويفترضون أن لغتهم ضعيفة أو أنهم لا يملكون العمق المعرفي المفترض لدى شيوخ الثقافة (كبار و شيوخ الفنّ التّشكيلي خاصّة). لا يتوقّف التهميش عند عدم القراءة والتفاعل بل يصل إلى الحرمان من منصب أو ترقية أو مقابلة في صحيفة أو تلفزيون أو حتى من مصدر رزق للإنسان ، حيث تتكرّر الأسماء المألوفة نفسها سنويا ، إذ لا ترى إلاّ نفسها ولا تقرأ اختلافها مع الآخر. .
ولكم أن تتخيلوا الأثر النفسي والإنساني والاجتماعي الذي يتركه العزل والإقصاء في نفس المرء فما بالكم بإنسان مثقف واع مبدع في مختلف الفنون . تحاربه شللية ثقافية معينة بصورة غير علنية ولا تقرأه وإن قرأت له أو شهدت آثاراً من إبداعه ادّعت ضيق الوقت أو عدم التمكن من رؤية الإبداع أو تزييف حقيقية النص الإبداعي بلصق النص بما ليس فيه.
فأنا كفنّان تشكيلي شابّ أحنّ إلى إسترجاع لغة التّخاطب الّتي فقدت بيننا على مرّ السّنين تحت ظلّ تهميش و إقصاء عجائز و شيوخ الفنّ الذين يدّعون المعرفة دون إنكار الدّور المشرّف و القيّم لبعضهم الذّي كان و سيبقى تاجا ومرجعا جدير بالذّكر والاحترام .
الفنّان الشّاب في مختلف المجالات الفنّية هو معزول عن قضيته التي تقف خلف هذا الغياب. والمهمّش حاضر لكنه يغيب عن ذهن المجتمع لأسباب عديدة بينها عدم الإحساس بأهمية هذا الفرد وهذا أهون الأسباب …أما الأسباب الاخرى فتتدرج بين الحسد والغيرة والتنافس على مركز معين والخوف من سلطة الفنّان الشّاب في تخصّصه فيقصى كي لا يزيح ( شيوخ الفنّ ) و يؤكد عيوبهم . أو قد يكون التهميش ناتجاً عن الاختلاف فالمختلف غير مرغوب فيه بينهم . وليكن أمام أعيننا مبدأ واضح… لا يهمّش الفنان الشاب ، إلاّ من يخاف خطره وقوته في التأثير، فالوعي لا يعزل إلا المهمّ الذي يرى أن له قوة تزلزل تلك الذات الثابتة إلا في حالات إبداعية ضعيفة وركيكة. فإنها تصارح بموقعها ولا تعزل ..